نزح أكثر من 655 ألفا من أقلية روهينغا المسلمة من ميانمار الواقعة جنوبي آسيا إلى بنغلاديش المجاورة منذ 25 أغسطس/آب الماضي هربا مما اعتبرته الأمم المتحدة تطهيرا عرقيا ينفذه جيش هذه الدولة ذات الغالبية البوذية.
ويعيش الروهينغا -الذين يعتبرون غرباء في ميانمار التي يمثل البوذيون 90% من سكانها- في عزلة في هذه الولاية، ويخضعون للتمييز بسبب حرمانهم من الأوراق الثبوتية، ويتعذر عليهم الاستفادة من سوق العمل أو الخدمات العامة.
واعتبرت موجة النزوح الأخيرة هي الأضخم بالنظر إلى أن أفراد هذه الأقلية المحرومة من حقوق المواطنة اضطروا للنزوح مرتين خلال الأعوام الأربعين الأخيرة، واحدة عام 1978 والثانية عامي 1991-1992. كما دُفعوا عام 2012 لموجة نزوح داخلي خلفت وراءها نحو 100 ألف روهينغي لاجئين في بلدهم.
وظهرت محاولة استئصال الروهينغا الأخيرة على يد الجيش وكأنها رد على تقرير الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان الذي أشار فيه قبل يومين من الانفجار الجديد بأراكان إلى “حالة عدم احترام حقوق الإنسان بولاية أراكان، واستمرار تهميش المسلمين سياسيا واقتصاديا”. وعبر الأمين العام الحالي أنطونيو غوتيريش عن دعمه لأقوال سلفه.
وصدمت روايات اللاجئين الروهينغا المتطابقة العالم على أثر قيام رجال الأمن وعصابات من البوذيين الراخين بإطلاق النارعليهم واغتصاب نسائهم وطردهم من منازلهم وإضرام النار فيها، مما حوّل مئات القرى إلى رماد.
الحياة توقفت
ووصف عضو في اللجنة الدولية للصليب الأحمر مشاهداته في ولاية أراكان بعد زيارة لها يوم 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري، قائلا “تسافر عبر الريف فترى حقيقة قرى مدمرة بالكامل على جانبي الطريق.. يبدو الأمر كما لو أن الحياة توقفت والناس لا يتحركون والأسواق مغلقة في بلدة مونغداو”.
ومنعت سلطات ميانمار لجنة دولية لتقصي الحقائق من دخول منطقة النزاع، مما دفع المحققين أواخر أكتوبر/تشرين الأول السابق إلى زيارة مخيمات اللاجئين في بنغلاديش لإجراء مقابلات لمعرفة العدد التقريبي للقتلى.
ونقلت وكالة رويترز عن محقق قوله “قد يكون (العدد) كبيرا جدا”، بينما قدرت منظمة أطباء بلا حدود أعدادهم بين نهاية أغسطس/آب ونهاية سبتمبر/أيلول الماضيين استنادا إلى شهادات اللاجئين بنحو 6700 قتيل.
لكن جيش ميانمار قال إن حصيلة الضحايا الرسمية للقتلى هي 400 شخص، بينهم 376 من “الإرهابيين” الروهينغا ، كما برأ قواته من أي تجاوزات في تحقيق داخلي أجراه.
ووقعت ميانمار وبنغلاديش يوم 23 نوفمبر/تشرين الأول الماضي اتفاقا بشأن شروط عملية عودة الروهينغا لتقليل الضغط على مخيمات اللاجئين التي تزداد اتساعا في إقليم كوكس بازار في بنغلاديش. لكن المذكرة لم تشمل تفاصيل بشأن معايير العودة ولا بشأن قيام وكالة الأمم المتحدة للاجئين بدور في العملية.
تشكيك
وشكك خبراء سياسيون في جدوى الاتفاق المبرم بين حكومتي بنغلاديش وميانمار، الذي ينص على إعادة لاجئي الروهينغا إلى إقليم أراكان وتوطينهم، واعتبروه مجرد حبر على ورق وتم تصميمه كي يفشل.
وبحسب الخبراء، ينص الاتفاق على بعض الشروط شبه المستحيلة للتحقق من إقامة الأشخاص الذين وصفهم الاتفاق بأنهم نازحون من ميانمار بدلا من وصفهم بتسميتهم الحقيقية أقلية مسلمة من الروهينغا.
من جهته أفاد أفسان شودري -وهو صحفي مخضرم وباحث في بنغلاديش- بأن الصين هي اللاعب الرئيسي في هذا الاتفاق، وأنه تم بسبب نفوذ بكين. وأوضح أن كلا من بنغلاديش وميانمار لديها علاقات مالية تقدر بمليارات الدولارات مع الصين، وأن الأخيرة يمكنها التحكم في كل شيء عبر قدرتها على التأثير الضمني على الدولتين.