.دعا عالم وتربوي عراقي الى إنقاذ واقع التعليم، عبر سلسلة اجراءات اصلاحية، وبضرورة مواكبته للتطور التربوي والعلمي والتقدم التقني المعاصر، وباعتماد نظام تعليم متميز لبناء مجتمع معرفي منافس عالمياً، يتبنى منهجية تعتمد على تعليم مهارات التفكير وتحليل المعلومات وتفسيرها، ويتيح التواصل والتفاعل بين أطراف العملية التعليمية، ويربط أنظمة التعليم الاولي والعالي بنظام التعليم العالمي والمعايير الدولية للجودة.
وأكد رئيس شبكة العلماء العراقيين في الخارج (نيسا) البروفيسور محمد الربيعي، ضرورة انتشال الواقع العلمي المؤلم من تدني استمر لعقود طويلة من الزمن حيث احتل العراق المركز العاشر بين ?? دولة شرق أوسطية في عدد المنشورات والبحوث العلمية الصادرة.
ووصف الربيعي في ندوة علمية اقيمت في منتدى الأمل الثقافي ببغداد، رفعت شعار جودة التعليم في العراق تحديات وحلول، ان ما يواجه واقع التعليم العالي في العراق من تحديات معاصرة ومتزايدة، تحتاج لحلول جذرية دولية عالية الدقة في المعلومات، تبدأ بخطوات متقدمة واجراءات صحيحة، في نبذ النظام التعليمي لمنهجية الحفظ والتلقين دون الفهم “أي الحشو”، ومنع الغش المتفشي في المدارس العراقية حيث يؤدي الى نتائج وامتيازات بدون استحقاق وبدون تكافؤ الفرص، والى ايقاف السلوكيات المنحرفة مثل نسخ ونقل المحاضرات والغياب وعدم الالتزام باخلاقيات الدراسة والتدريس.
واشار الى ان اساليب التدريس في المدارس والجامعات تعّود الطالب على سلوكيات متخلفة كالاستجابة والخضوع، والى تقبل الخرافة وتشجعه على الغش بأشكاله المختلفة، وتخلق منه انساناً غير واعٍ وغير ناقد. واقترح بعض الحلول لإنقاذ التعليم من مأزقه الحالي منها الغاء التقسيم الحالي الخاطئ في المدارس العلمية: الاحيائي والتطبيقي، والتخلي عن فكرة تقسيم الادبي الى قسمين
واقترح بديلا يكمن في اعتماد تقسيم الدراسة الثانوية الى اكاديمي وتطبيقي والى الغاء كليات التربية الحالية واستبدالها بدبلوم التربية لقبول خريجي الجامعات من كل فروع المعرفة العلمية والإنسانية والى تشجيع ودفع حملة الدكتوراه لكي يصبحوا مدرسين في المدارس الثانوية، ورد الاعتبار الى التعليم المهني والتقني.
وبالنسبة للجامعات طالب بوضع نظام قبول جديد عادل يأخذ بنظر الاعتبار قابليات ورغبات الطلبة وليس فقط التحصيل الدراسي، وإضافة سنة تأهيلية، واعادة بناء هيكلة الجامعات، والنظر بالدراسات الأولية والدراسات العليا بشكل شامل.
وتابع الربيعي، ان مستويات البحث العلمي امام تحديات خطيرة، حيث اعتبر التسابق بين الجامعات العراقية لاحراز الصدارة في السلالم العالمية لن يؤدي الى تحسين جودة التعليم والتعلم او الى تحقيق واقع افضل للتعليم العالي. وأكد ان البديل يكمن في نظام ضمان الجودة والاعتماد الاكاديمي وبدعوة مؤسسات الجودة العالمية لتقويم واعتماد المؤسسات والبرامج الاكاديمية.
ويعتقد الربيعي بوجود أزمة ثقة بين ادارة التعليم العالي والتدريسيين حيث يسود الاعتقاد بعدم كفاءة المسؤولين والشعور بالغبن الوظيفي والتمييز، والتخوف من المسؤولين والحذر منهم، واعتبار التدريسيين المحسوبية والمنسوبية هي طريق الحصول على منصب اداري.
ووصف البيئة الأكاديمية الحالية بأنها غير ملائمة للتعليم والتعلم، وبانعدام العلاقة بين المناهج وسوق العمل، وضعف الاهتمام العلمي عند التدريسيين، واهتمام الطلبة بالشهادة قبل التحصيل الأكاديمي المعرفي، وتشجيع السلوكيات المنحرفة، والمبالغة في كثرة الدروس الصفية، وقدم المناهج وانعدام التدريب الفعلي الأصلح للتعلم.
واكد ضرورة اصلاح منظومة الدراسات العليا، حيث اصبح شائعا ان نرى أطاريح متضمنة لاقتباسات غير شرعية، وانفصام عن البيئة العلمية العالمية، ونشر البحوث في مجلات زائفة، وانتشار عقلية الثواب وكتب الشكر لما يسمى بالإنجازات العلمية.
وشدد، على ان ما حصل للتعليم منذ بداية السبعينيات كانت حصيلة للنموذج السلطوي، حيث انعدمت القابلية على التفكير العلمي المستقل ومواجهة التحديات وهامشية النشاط العلمي والفكري والابداع والاكتشاف والاختراع وهشاشة مستوياتها، وانعدام اهمية التفوق الفكري، وازدياد الفساد الاداري والمالي، وضعف الجهاز الاداري للدولة، واعطاء الصفة السياسية للمناصب الادارية في الدولة، والالغاء الكامل من قبل النظام السابق للحريات الأكاديمية في الجامعات.
وأدارت الندوة العلمية، التي تأتي ضمن سلسلة ندوات لمنتدى الأمل الثقافي، الأكاديمية التدريسية في كلية العلوم السياسية جامعة النهرين نور قيس، حيث بدأت باستعراض واقع التعليم العالي والتربوي، وتقديم البروفيسور محمد الربيعي الذي لعب دوراً في تأسيس جمعية الأمل العراقية، وشغل عدة مواقع علمية عالمية ونشر اكثر من 500 بحث وكتاب وفصل كتاب ومنشور علمي، ونشرت له اكثر من 100 مقالة حول موضوعة تطوير واقع التعليم في العراق.
بعد مداخلته، تم تبادل الأراء والنقاشات المستفيضة، وطرحت العديد من الأسئلة من قبل نخبة الحضور من المختصين الأكاديميين والتربويين والاعلاميين والناشطين في المجتمع المدني، والاتفاق على ضرورة النهوض بواقع التعليم والمطالبة بتغيير أساليب التدريس والامتحانات وتحديث المناهج وتحويل الجامعات من مؤسسات للتعليم الى مؤسسات لتدريب المهارات وربط البرامج الاكاديمية بحاجة سوق العمل والمجتمع وبوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وبتدريب المعلمين والمدرسين ليلعبوا دورهم في رسم مستقبل أفضل للعراق تعليمياً وتربوياً